الجمعة، 4 مايو 2012

ملكات حكمت مصر الملكة نيفرتيتي

مظهر ملكي
كانت نفرتيتي تتحلى في السنوات الأولى من حكمها بشارة الشرف التقليدية التي تتحلى بها الملكات. وقد رُسمت وهي ترتدي تيجاناً وشعراً مستعاراً مزيناً بقرني بقرة وريش وقرص شمس، وكلها سمات ذات علاقة بطائفة الإلهة (هاثور). وتزينت الملكة عقب ذلك في العمارنة، العاصمة الملكية الجديدة، بتاج أزرق ذا قمة مسطحة يشبه في شكله تاج الحرب الخاص باخناتون؛ وهو ذاك التاج الذي يجسّده تمثال متحف برلين والذي أصبح معروفاً على نطاق العالم أجمع. وفي بعض الأحيان كانت تظهر في الرسوم وهي ترتدي تاجاً ضيقاً يشبه القلنسوة. كما كانت الملكة الجميلة ترتدي في أحيان أخرى لباساً في الرأس يشبه المنديل وكان يعرف بالخات.
وكانت نفرتيتي تبدو في رسومات قديمة أخرى وقد صفف شعرها بما يوصف بأنه "باروكة الشمعة النوبية". وهي مكونة من مجموعة من طبقات خصلات الشعر والضفائر التي ترقد فوق بعضها البعض، وتلك الباروكة لا يرتديها سوى الرجال المنتمين للجيش الملكي.
وكان حاجبا الملكة كثيراً ما يزينهما ثعبانا الكوبرا من كل جانب، وهما يرمزان لسيادتها على البرّين، مصر العليا ومصر السفلى.
وتظهر النقوش والرسومات التي وجدت على تابوت اخناتون الشريكة الملكية وهي ترتدي ثوباً مطوياً. كما كانت أيضاً تضع على رأسها باروكة ذات شعر مجعّد ويظهر الثعبانان وفوقهما تاج قرص الشمس المحكم وإفريز الكوبرا وريشتان طويلتان.
وكما هو الحال بالنسبة لبقية أفراد الطبقة الأرستقراطية، لم تكن نفرتيتي تتحلى بالمجوهرات والشعر المستعار والملابس الضيقة وحسب، بل استخدمت المساحيق التجميلية أيضاً لإظهار جمالها الطبيعي. فقد كانت النساء في تلك الأيام ترسم خطاً أسوداً عريضاً حول العين والجفن حتى يصل خارج العين. وكان هذا الخط يرتبط لدى قدماء المصريين بالنقاء الشعائري. كما كنّ يضعن على جفن العين معجون مكوّن من مسحوق النحاس الأخضر المخلوط بالدهن. كما استخدمت النساء حُمرة الخدين والشفتين أيضاً طبقاً للرسومات التي تشهد على ذلك. وفيهما يتم استخدام نفس المادة الغرائية ثم تخلط بحبيبات الخس.

اشهر تمثال للملكة نيفرتيتي . يبلغ طوله 50 سم وهو موجود في متحف برلين بالمانيت
صورة جانبية لنفس التمثال
الاسطورة

لم يكن جمالها وحده الأسطورة، بل أيضاً مكانتها الاستثنائية في السلطة. فقد كانت نفرتيتي وزوجها الفرعون اخناتون هما عن فجرا ثورة دينية كبرى. فقد تمكنا من استبدال كل الآلهة التقليديين بإله واحد فقط هو إله الشمس أتون.
زوجة ملكية عظيمة
يبدو أن نفرتيتي كانت مؤمنة متحمسة للدين الجديد. وربما تمكنت أيضاً من استخدام الدين الجديد لإيجاد مكانة خاصة بها أقرب ما تكون إلى الألوهية. ويعكف علماء المصريات في الوقت الحاضر على البحث في معابد الكرنك والأقصر على دليل ربما تمكنوا من خلاله من دعم تلك الفرضية.
وقد أنشأ اخناتون أثناء فترة حكمه التي كانت في منتصف القرن الرابع عشر قبل الميلاد العديد من المعابد في الضواحي المخصصة لعبادة إله الشمس آتون. وبما أن تلك المعابد تم اعتبارها من مخلفات الحكم البائد، فقد تم تدميرها جميعاً عقب انقضاء فترة حكم اخناتون. وقد تمت الاستفادة من ألواح الحجارة المتبقية منها في بناء نصب تذكارية أخرى للحكام الذين حكموا مصر بعد ذلك. ويحاول العلماء الآن إعادة تجميع تلك الحجارة الواحد بجانب الأخر حتى يتمكنوا من تكوين مشاهد واضحة على أمل الوصول إلى مكانة نفرتيتي الاجتماعية.
وقد تم فك شفرة جزء من اسمها منحوتاً على أحد الحجارة بالإضافة إلى أحد ألقابها الملكية (الزوجة الملكية العظيمة). وقد عُثِر على أكثر من نقش يصور نفرتيتي وهي تقود مركبة حربية وتحمل صولجاناً، وهو شعار السلطة العليا في الدولة الفرعونية. كما ظهرت في صور أخرى، بصفتها ملكة بلادها، مجهزة على أعداء مصر وفي يدها هراوة أو سيف، او معتلية مهاداً ملكياً، أو وهي تهب ذهب الشرف للإله. ولم تحظى أي أنثى أخرى من الأسرة المالكة بمثل هذا التوثيق التصويري قبل نفرتيتي أو بعدها.
زوجات الإله آمون
يقف معبد الكرنك شاهداً على قصة تأسيس مصر التي نقشت على جدرانه. وطبقاً للأسطورة فإنه لم يكن هناك شيئاً في البداية، بعدها ظهر إله الخلق والخصوبة أمون من بين الظلام وكانت برفقته الإلهة مت. ووقع أمون أسيراً لحيل إغرائها. وتقول المصادر القديمة: "قامت بإشعال نيرانه، ونتيجة لاستثارة شهوته تشكّل الكون." وكان بالقرب من الإله أمون الفراعنة الذين يعتبروا ممثلوه على الأرض التي يحكمونها باسمه وبالإنابة عنه. كما كانت النساء أيضاً على مقربة منه. وكان باستطاعتهن أيضاً أن يصبحن زوجات له بعد أن يقمن بأداء طقوس معينة. وطبقاً للأدلة التي توفرها الرسوم المعاصرة، يُعتقد بأن نساء بعينهن زرن ضريح أمون المقدس في معبد الكرنك. وهناك قمن بتمثيل أسطورة الخلق ومنحن أمون خلوداً دنيوي، للتأكد من أن الكون لن يرتد إلى حالة الفوضى التي كان يعيشها قبل أن يتشكل. وبهذا تصبح النساء "زوجات أمون ورفيقاته". ومن حق أي امرأة ارستقراطية مصرية الحصول على هذا اللقب التشريفي وأن تتمتع بالهالة الاجتماعية المرتبطة به.
في مثل قوة الفرعون
في أثناء فترة حكم نفرتيتي واخناتون، كان لمعبد الكرنك بوابة ضخمة على الناحية الشرقية منه. وقد تم استحضار ما يزيد عن المائة نقش تصويري لطقوس فرعونية. ومعظم تلك الرسوم تصور نفرتيتي وهي تقف في وسط طقوس العبادة ومن بينها تقديم القرابين للإله.
وفي حقيقة الأمر فإن التقاليد تقتضي ألا تقدّم القرابين إلا من الفرعون شخصياً أو من "زوجة أو رفيقة للإله". إذن هذه اللوحات تدل على أن نفرتيتي كانت تتمتع بمكانة في السلطة مساوية لتلك المكانة التي حظي بها الفراعنة. وعلى الرغم من أن الدين الجديد الذي بُشِّر به لم تعد فيه مكانة ل"زوجات أو رفيقات الإله"، فقد أعلنت نفرتيتي ولاءها للإله آتون متبعة نفس الطقوس التي كانت تمارسها رفيقات الإله آمون. وتبدو نفرتيتي وكأنها كانت تستخدم التقاليد الدينية "لرفيقات" الإله من اجل أن ترتقي بنفسها لمصاف المعبودات.
وبعد كل ذلك تمكنت نفرتيتي من أن تصبح لعقد كامل من الزمان أكثر النساء نفوذاً في العالم القديم.
* * *
الملكة
ظلت تفرتيتي لما يربو عن العشر سنوات أكثر النساء نفوذاً في مصر. وقد حكمت نفرتيتي البلاد، متمتعة بسطوة تبجيل الآلهة التي سبغها عليها شعبها، جبناً إلى جنب مع زوجها أمينوفس الرابع، حاكم المملكة الجديدة للأسرة الثامنة عشرة، والذي غيّر اسمه إلى اخناتون عقب اعتلائه العرش في حوالي 1353 قبل الميلاد. غير أنه لا يعرف سوى اليسير عن الملكة الفاتنة اليوم. فقد تلاشى أثرها تماماً عن التاريخ في نحو العام 1336 قبل الميلاد، وكان عمرها آنذاك حوالي ثلاثين عاماً.
بزوغ ساطع وأفول مفاجئ
تزوجت نفرتيتي من الفرعون اخناتون، ابن أمينوفس الثالث في السنة الرابعة من اعتلائه عرش مصر القديمة، ويبدو أنها كانت في الخامسة عشرة من عمرها آنذاك، في الوقت الذي كان فيه اخناتون في الرابعة عشرة من عمره. ونتيجة لهذا الاتحاد،ارتقت الملكة الجميلة سلم الحكم لتصبح واحدة من أكثر النساء التي حكمن مصر القديمة سلطة ونفوذاً. وكانت نفرتيتي تحظى بالحب والاحتفاء والتقديس، واتخذت مكانها بجانب الملك في كل المناسبات الهامة، وظلّ موقعها مساوياً لمكانته تقريباً. ولكن فجأة غاب أثرها؛ فحتى يومنا الحاضر لم يتم العثور على أي دليل من شأنه أن يلقي ببعض الضوء على مصير نفرتيتي الغامض. وحتى الآن ما تزال جثتها تُعتبر مفقودة.
من أين أتت نفرتيتي؟
أصل الملكة الفاتنة وخلفيتها يشوبهما الغموض أيضاً. وتبعاً لإحدى النظريات، فإنها ربما كانت أميرة ميتاني (تادوخيبا)، العروس المرشحة للزواج من أمينوفس الثالث لكنها تزوجت بدلاً عن ذلك ابنه. وتقول نظرية أخرى إن نفرتيتي ولدت نتيجة علاقة ما بين أمينوفس الثالث وإحدى خليلاته. وهذه النظرية تجعل من نفرتيتي واخناتون أخوين غير شقيقين. ولكن هذه النظرية أيضاً تعتبر غير معقولة لأن نفرتيتي كان يحق لها الحصول على لقب (ابنة الفرعون) وهو ما لم يحدث قط. وتشير النظرية الثالثة إلى أن نفرتيتي هي ابنة تاي وآي. وطبقاً لهذه النظرية فإن والدها كان أحد الموظفين الكبار في البلاط الملكي لأمينوفس الثالث مما يجعله بالتالي من المقربين لاخناتون. وبناء على تلك النظرية التي تلقى قبولاً واسعاً لدى علماء المصريات، فإن خلفية نفرتيتي كانت تعود إلى الطبقة الراقية للمجتمع المصري القديم. لكن قد لا تكون تاي الأم الحقيقية للملكة الساحرة، بل من المرجح أنها كانت مرضعتها.
في حظوة إله الشمس
كان لنفرتيتي واخناتون السبق في القيام بإصلاحات دينية واجتماعية كبرى. فقد كان أكثر ما حققاه من إنجازات هو نبذ عادة المصريين القدامى بتعدد الآلهة وعبادة إله واحد بدلاً من ذلك هو إله الشمس آتون.
وفي السنة الخامسة من حكم اخناتون، نقل الزوجان مقر حكمهما الرسمي من طيبة إلى تل العمارنة والتي كانت تعرف بموطن نور آتون.
وحتى الكرنك، التي كانت حتى ذاك الحين مقراً تقليدياً لطائفة آمون، كانت تشهد بناء معابد جديدة تقرباً لإله الشمس. وقد زخرفت تلك المعابد بأعداد كبيرة من صور نفرتيتي، والتي كانت بصفتها ملكة تحمل اللقب الملكي التقليدي "الكمال كمال آتون".
وحظيت نفرتيتي بتخليد في المعابد والنصب التذكارية أكثر مما حظيت به أي ملكة مصرية أخرى قبلها أو بعدها. ومن المرجح أن الملكة كانت تشغل منصب الكاهن الأعظم أيضاً وهو المنصب الذي عادة ما يحتفظ به الملوك وحدهم.
لكن نفرتيتي اختفت من الصور والنقوش في العام الأخير من حكم اخناتون وظهرت عوضاً عنها صور اثنتين من بناتها الست هما (مريتاتون) و(أنخسينباتون).
مصير مجهول
ماذا يمكن أن يكون قد أصاب الملكة؟ ظل الباحثون يعتقدون لفترة طويلة من الزمن بأن الملكة قد فقدت حظوتها لدى اخناتون وتم إقصاؤها عن العائلة المالكة. وربما كان ذلك بسبب إخفاقها في إنجاب ابن له؟ وهناك نظرية أخرى تقول بأن الزوجين تم الإطاحة بهما من قبل عصيان شعبي قام به من كانوا يعتقدون بأن عبادة آتون كانت بدعة. وبما أن توت عنخ أمون كان قد استعاد العرش في 1333 قبل الميلاد فإنه من المؤكد أنه قام بالتخلص من كل آثار اخناتون ونفرتيتي ومحا كل ما كان يمكن أن يعيدهما إلى الأذهان.
ولم يتم العثور في مقبرة تل العمارنة حتى يومنا هذا على أكثر من بعض المتعلقات التي يعتقد بأنها تعود لاخناتون مما يشير إلى أن نفرتيتي لم تدفن هناك؛ فضلاً عن أن وفاة الملكة لم يتم توثيقها في أي مكان آخر.
هل خلفت نفرتيتي اخناتون على العرش؟
على الرغم من أن لاخناتون ابناً من خليلته كيا، وهو توت عنخ آمون، إلا أنه عين (سمنخكر) خلفاً له. ويرى بعض علماء المصريات بأن سمنخكر ربما كان ابناً آخر لاخناتون من كيا، كما يعتقد البعض بأنه ربما كان أخاً غير شقيق لاخناتون أو فرداً من أفراد الأسرة المالكة.
غير أن حقيقة أن نفرتيتي وسمنخكر استخدما نفس اللقب الإضافي (الكمال كمال آتون)، حدت بالبعض للافتراض بأن نفرتيتي نفسها استعادت العرش بعد وفاة اخناتون في 1336 قبل الميلاد. لكن، هناك دليل أيضاً على أن نفرتيتي قد توفيت في السنة الرابعة عشرة من حكم زوجها اخناتون حينما ابتليت مصر بوباء الطاعون آنذاك.
فهل تسبب اختفاء نفرتيتي المفاجئ في أن تظل لغزاً أمد الدهر؟ ربما، ولكن قد تتمكن الجثة التي عثر عليها الفريق الاستكشافي البريطاني، والتي يُعتقد بأنها مومياء الملكة الساحرة، من الكشف عن بعض أسرار الملكة الدفينة
* * *

الاكتشاف

ربما يثبت هذا الاكتشاف بأنه أعظم الإنجازات الأثرية منذ اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون. فعالمة الآثار البريطانية
جوان فلتشر على يقين من أنها عثرت على مومياء الملكة الأسطورة نفرتيتي، والتي كانت في يوم ما تحكم مصر جنباً إلى جنب مع زوجها اخناتون. ويركز بحث الدكتورة فلتشر في الوقت الحالي على اكتشاف دليل لدعم مزاعمها باكتشاف جثة المرأة التي تعتبر بجانب كليوباترا الأشهر بين النساء اللائي حكمن مصر القديمة.
  • المومياء رقم 61072
سُمح للدكتورة جوان فلتشر المحاضرة بجامعة يورك وفريقها بفحص المقبرة التي تعرف ب "كي في 35" بوادي الملوك بالقرب من الأقصر. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تُفتح فيها هذه المقبرة، فقد فتحت من قبل في عام 1898 ولكن سرعان ما أغلقت مرة ثانية في عام 1907. وقد استرعت واحدة من المومياءات انتباه فريق البحث، فقد كشفت الصور القديمة عن شبه كبير بينها وبين التمثال النصفي الشهير لنفرتيتي في متحف برلين.
وقد أعطيت المومياء الرقم 61072، وقد عثر عليها مع اثنتين أخرتين إحداهما لامرأة والأخرى لصبي، وكانت المومياءات الثلاثة تحتلان ركناً من غرفة دفن أمينوفس الثاني. ويرجع فضل العثور على المومياءات الثلاثة لعالم الآثار الفرنسي فيكتور لوريت في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي. ولكن بما أن تلك المومياءات كانت في حالة يرثى لها فهي لم تلقَ اهتماماً يذكر في ذاك الوقت أو بعده.
لكن اليوم، وعقب مجهودات كبيرة في الفحص والتمحيص، توصل الفريق الأثري البريطاني إلى خلاصة مفادها أن المومياء 61072 تخص الملكة الأسطورة نفرتيتي شخصياً.
  • هل عُثر على جثة نفرتيتي؟
بناء على اعتقاد العالمة البريطانية، فإن الأدلة التي تثبت أن المومياء تعود إلى نفرتيتي تشمل: شحمة الأذن التي بها ثقبان وهي علامة ملكية، والآثار التي خلفتها عصابة ذهبية على الرأس وتلك أيضاً تعتبر علامة ملكية أخرى إذ أن ارتداء تلك العصابات بهذه الطريقة كان حصرياً على أفراد العائلة المالكة فقط، والرأس الحليق الذي تعتقد الدكتورة فلتشر بأنه يمكن أن يكون الدليل الدامغ في حالة تواؤمه مع مقاس التاج الأزرق الموضوع على رأس تمثال نفرتيتي النصفي في متحف برلين.
وكان التقييم المبدئي الذي توصل له فريق البحث البريطاني مفاده أن تلك المومياء، التي عثر عليها راقدة تحت ركام هائل من الكتّان، تخص على أقل تقدير إحدى نساء العائلة المالكة في عهد العمارنة.
فالرقبة الطويلة التي تشبه رقبة البجعة، والخدان المرتفعان والحنك الرقيق تنطبق كلها على أوصاف رأس نفرتيتي الرقيق. وطبقاً للدكتورة فلتشر فإن علامة أخرى تؤكد انتماء المومياء للملكة الجميلة التي ساست مملكة النيل هو شعر مستعار تم العثور عليه في وقت سابق بالقرب من الجثة المحنطة. وكانت الباروكة رأساً مصفف على الطراز النوبي وقد كان هذا هو الطراز المفضل لدى سيدات الأسرة الحاكمة في أواخر فترة حكم الأسرة الثامنة عشرة.
وفضلاً عن ذلك فإن الأسلوب الذي اتبع في تحنيط المومياءات الثلاثة التي عُثر عليها في المقبرة "كي في 35" جنباً إلى جنب مع المواد المستخدمة والنوع المحدد من التحنيط تشير جيمعاً إلى أنها تعود إلى فترة منتصف إلى نهاية عهد الأسرة الثامنة عشرة، أي الفترة التي حكم فيها اخناتون وزوجته نفرتيتي مصر القديمة. وتلك كانت هي النتيجة التي توصل إليها الدكتور ستيفن بكلي، وهو خبير عالمي متمكن في هذا المجال شارك في الفحص الدقيق الذي خضعت له تلك المومياءات.
  • آثار عنف
تحمل الجثة التي يُعتقد بأنها لنفرتيتي آثاراً لعنف شديد، فعلى ما يبدو أنها أصيبت بفأس أو نوع من المناجل. وقد فقدت المومياء الأذن اليمنى وأحد الذراعين، على الرغم من أن اليد المفقودة تم العثور عليها في بعثة استكشافية ثانية قام بها الفريق البريطاني في فبراير 2003. وبما أن هناك أدلة كثيرة، في رأي الدكتورة جوان فلتشر، لترجيح فرضية تعرّض نفرتيتي لتعذيب قاسٍ بل وحتى قتل، فربما كانت تلك الإصابات قطعة إضافية من قطع الألغاز الخشبية (البازل) التي ستؤدي في النهاية إلى إثبات حاسم لهوية الجثة. وربما كان المصرع الذي اتسم بالعنف الذي ابتليت به الملكة ثأراً من شعبها، على حد قول الدكتور فلتشر، بسبب الأسلوب الذي أعرضت به هي واخناتون عن الدين القديم.
وقد كشفت المزيد من الفحوص عن أن الوجه قد تعرض لضربات عنيفة بواسطة آلة حادة، ربما كانت خنجراً. وهذا يعضد من فرضية أن الملكة المسخوط عليها إما تعرضت للتعذيب قبل وفاتها أو أن جثتها شُوّهت عقب وفاتها.
كما أن الذراع اليمنى للمومياء، التي اكتشفت في عملية استكشافية منفصلة فيما بعد، كانت مثنية بحيث تتجه الكف إلى أعلى. وما تزال الأصابع تبدو وكأنها تقبض على صولجان ملكي، على الرغم من أن الصولجان نفسه قد تلاشى بمرور الزمن. وطبقاً للتقاليد المصرية القديمة، فقط الفراعنة هم من يتم مواراتهم في مثواهم الأخير بهذه الطريقة. وبما أن بعض الدراسات تعتبر أن نفرتيتي كانت فرعونة، فربما كانت هذه إمارة أخرى للتدليل على هويتها.
  • مقبرة أسرية
وهناك قطعة أخرى تمثل دليلاً قوياً وفرتها واحدة من المومياءات الأخرى التي عُثر عليها في نفس المقبرة بجانب المومياء 61072. فعلى ما يبدو أن تلك المومياء المحنطة تعود للملكة تي. أو على الأقل كانت تلك هي النتيجة التي ترتكز على مجموعة من التحليلات التي أجريت على خصلات شعر قام بها علماء مصريون وأمريكيون أثناء السبعينات. وكانت تي هي رفيقة أمينحتوب الثالث ووالدة اخناتون، وبكلمة أخرى، كانت إحدى قريبات نفرتيتي.
  • لغز لن يُحل قط؟
غير أن بعض الخبراء عبروا عن شكوكهم. فهم يعتقدون بأن فلتشر وزملاءها قد بنوا فرضيتهم على أدلة غير كافية. ويقولون إن المومياء التي أُعيد اكتشافها خلال البحث ربما كانت تخص شخصاً آخر مثل إحدى بنات نفرتيتي مثلاً. لذلك، وعلى الرغم من البحث المستفيض، فإن المومياء التي يزيد عمرها عن الثلاثة آلاف عام وتحمل الرقم 61072 تستمر في تشكيل لغز محير. وربما كان المفتاح في حله بشكل حاسم هو إجراء فحص مقارن للحامض النووي. ولكن بما أنه حتى اليوم لم يتم العثور على أي من بنات نفرتيتي أو أهلها المقربين فإن هذا يعني بأن اختبارات الحامض النووي غير مجدية في الوقت الحاضر.




المقدمة

  • كشف فريق بحث يقوم بعمليات استقصاء في وادي الملوك بالقرب من الأقصر في مصر النقاب عمّا يمكن أن يكون مومياء الملكة المصرية الأسطورة نفرتيتي. وقد استخدم فريق جامعة يورك الذي تقوده الدكتورة جوان فلتشر نظاماً متنقلاً للأشعة للفحص على المومياء في فبراير 2003. وكانت تلك هي المرة الأولى التي تسمح فيها السلطات المصرية باستخدام مثل هذه الأجهزة في مواقع الآثار.
تقنية الأشعة المتنقلة تجعل البحث أيسر
تم العثور على الجثة التي أدرجت تحت "المومياء 61072" راقدة بجانب جثتين أخرتين محنطتين لامرأة وصبي في ركن من أركان غرفة المقبرة كي في 35. وقد تمكن الباحثون من فحص المومياء داخل المقبرة، متجنبين بذلك أي احتمال لتعرضها للتلف أو التشويه أثناء عملية النقل. ولم يكن لتلك العملية أن تتم بدون استخدام جهاز "كانون – سي إكس دي آي 31 أول نظام أشعة رقمي متنقل في العالم.
وحتى يومنا هذا كانت الطريقة المتبعة تتلخص في حمل المومياءات المكتشفة من مقابرها ونقلها إلى إحدى المستشفيات لفحصها عبر الأشعة. وهو ما يعتبر عملاً مكلفاً وينذر بمخاطر جسيمة قد تقع للمومياء.
وفي حالة المومياء 61072، سمحت تقنية الأشعة المتنقلة ذات الشاشة المسطحة للعلماء بالعمل داخل المقبرة نفسها بإنتاج لقطات ثلاثية الأبعاد للجثة المحنطة دون الحاجة حتى لتحريكها من مكانها.
ولا تستدعِ العملية أكثر من ثلاث ثوانٍ ما بين مسح الصورة وظهورها على شاشة الحاسوب. كما تسمح تقنية تقريب الصورة بالتقاط صور مكبرة للمجوهرات والأسنان والعظام بالإضافة إلى صور للجسم بأكمله. كما يمكن أن تستخدم التقنية الجديدة في القيام برحلات افتراضية داخل هيكل المومياء.
عقود ذهبية في تجويف الصدر
تظهر صور الأشعة التي التقطها فريق الدكتورة فلتشر جسد امرأة بالغة مع تقوّس في السلسلة الفقرية في المنطقة السفلى من الظهر.
وتظهر الصور أيضاً عدداً من العقود الذهبية داخل التجويف الصدري الذي كان مفتوحاً. وقد سُبكت تلك العقود بنفس التصميم الذي تنتهجه المجوهرات الملكية وربما كانت دليلاً آخر على أن المومياء 61072 هي بقايا بشرية لملكة كانت في يوم ما رائعة الحسن والجمال.
ويعتقد الباحثون البريطانيون بأن الموقع غير المعتاد للعقود الذهبية ربما كان نتيجة لمحاولات اللصوص في نهب المقبرة مما ألحق الأذى بالمومياء في تلك العمليات.
هل سيُحلّ اللغز؟
يأمل العلماء في أن تسمح لهم تقنية الأشعة المتنقلة بإعادة بناء وجه نفرتيتي الأشهر على نطاق العالم. كما يُتوقع أن توفر الصور العديدة للمومياء أدلة على الحالة الصحية لها بل وحتى سبب وفاتها.
وقد عبرت الشركة المصنعة للأشعة المتنقلة عن سعادتها أيضاً بهذا الاكتشاف، فيقول جيمس ليبنيك، رئيس العلاقات المشتركة والاتصال بكانون أوروبا: "لم نكن لنتخيل أن بعضاً من تقنياتنا التي صنعت من أجل مقابلة الاحتياجات الطبية للقرن العشرين ستستخدم في يوم ما للتعرف على مومياء وتلقي بالضوء على ألغاز مصر القديمة".
وسيتم نقل المومياءات الثلاثة بمساعدة الحكومة المصرية من المقبرة كي في 35 وستخزّن بعناية فائقة من أجل المزيد من البحث والتمحيص.


الموميات الثلاث التي وجدت في احدى المقابر ويعتقد ان احدها تخص الملكة نيفرتيتي وهي المومياء في اقصى يمين الصورة
د . جوان فليتشر تتفحص مومياء الملكة نيفرتيتي
مومياء الملكة نيفرتيتي
د . جوان فليتشر استخدمت تقنية جديدة متنقلة للاشعة دون تحريك المومياء


مومياء لامرأة مجهولة وجدت مع مومياء الملكة






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق