السبت، 12 مايو 2012

الوصايا العشر

منقول للافاده
بقلم فراس السواح 
نقلا عن الأوان

_____________

في سفر الخروج: 20 من كتاب التوراة يعطي الإله يهوه موسى على جبل سيناء لوحين من حجارة كتب عليها بإصبعه القدسيّ الشريعة التي سنّها لبني إسرائيل، وعشر وصايا أخلاقية هي:

1 – لا يكن لك آلهة أخرى أمامي 2– لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة، ولا تسجد لهنّ ولا تعبدهنّ 3– لا تنطق باسم الربّ إلهك باطلاً 4– اذكر يوم السبت لتُقدّسهُ 5– أكرم أباك وأمّك 6– لا تقتل 7– لا تزن 8– لا تسرق 9– لا تشهد على قريبك شهادة زور 10– لا تشته بيت قريبك ولا تشته امرأة قريبك ولا شيئاً ممّا لقريبك.

إنّ من يقرأ هذه الوصايا خارج سياقها التوراتي، لا سيما كما قدّمتها المنظومة الأخلاقية المسيحية القائمة على تعاليم يسوع المسيح، ليظنّ أنّ كتاب التوراة قد سنّ شرعة أخلاقية على درجة عالية من السموّ والشمولية. ولكنّ من يقرأها في سياقها التوراتيّ سوف يكتشف سريعاً أنّ هذه الوصايا قد وُضعت من أجل تعامل اليهود مع بعضهم بعضاً، أمّا في التعامل مع الغرباء فكلّ ما للغريب مباح، ماله وعرضه وبيته. ولا أدلّ على ذلك من أنّ موسى عشيّة خروجه ببني إسرائيل من مصر قد أمرهم بأن يستعيروا من جيرانهم المصريين أوعية فضّةٍ وأوعية ذهبٍ وثياباً ليسرقوها عند هروبهم من مصر قبل الفجر. وقد شارك يهوه نفسه في تسهيل هذه السرقة عندما زيّن للمصريين أن يُقْدِموا على إعارة بني إسرائيل (سفر الخروج 12: 34-36).

في مقابل هذه الأخلاقية الحصرية، نجد أنّ الحساسية الخلقية العالية لإنسان الشرق القديم قد أمدّتنا بمنظومات للسلوك الأخلاقي تحتوي على عشرات الوصايا التي تمسّ كلّ جانب من جوانب العلاقات الاجتماعية، وتتعدّى ذلك إلى العلاقة بين الإنسان والحيوان أساسها الرفق والرحمة. ولعلّ أوضح مثال على ذلك هو النص المصريّ القديم المعروف في كتاب الموتى بعنوان "إعلان البراءة من الذنوب"، وهو يعدّد اثنتين وأربعين خطيئة ينفي الميّت ارتكابها خلال حياته لدى مثوله أمام أوزيريس قاضي الأموات وإله العالم الأسفل.

قبل إلقاء الضوء على هذا النص المهمّ في تاريخ نشوء وتطوّر الضمير الإنسانيّ لا بدّ لنا من وقفة قصيرة عند الإله أوزيريس والعبادة الأوزيرية.

أوزيريس هو الشكل اليوناني للاسم المصري أوزير. ارتقى عرش مملكة الأرض بعد الإله جيب، فكان الفرعون – الإله الرابع، واتّخذ من أخته إيزيس زوجة له. كان وسيماً داكن البشرة وأطول قامة من باقي الآلهة. حكم بالعدل وعمل على تحضير البشر، فعلّمهم زراعة الحبوب والكرمة وصنع الخبز والجعة والخمرة، كما علّمهم عبادة الآلهة وبناء المعابد لها. ثمّ ترك الحكم لزوجته إيزيس وسافر لنشر الحضارة في بقية أنحاء العالم. ولدى عودته إلى مصر وقع ضحية مؤامرة دبّرها أخوه الحسود سيت، الذي قتله وقطع جثّته إلى أربع عشرة قطعة وزّعها في أماكن متفرقة لكي لا يمكن العثور عليها. ولكنّ إيزيس استطاعت العثور عليها وضمّتها إلى بعضها بعضاً، ثم أدّت شعائر التحنيط للمرة الأولى وأعادت القتيل إلى الحياة الأبدية، ومن لقائهما الذي تلا البعث ولد لهما حورس.

بعد أن بُعث أوزيريس وجعله هذا البعث في أمان من الموت، كان باستطاعته استعادة عرشه والبقاء حاكماً على الأحياء، ولكنّه فضل هجران هذه الأرض والسكن في أحضان الحقول الفردوسية حيث مقرّ الأرواح الصالحة ليحكم عالم الموتى، وتحوّل إلى إله للعالم الآخر الذي يدعى باللغة المصرية القديمة "أخريت" (قارن مع كلمة الآخرة في اللغة العربية)، حيث يحاسب أرواح الموتى ويقرّر مصيرها إمّا في نعيم وإمّا إلى عذاب يتلوه فناء. وهذا ما جعله أكثر الآلهة شعبية لأنه منح عبادة الأمل في حياة أخرى وخلود في الحقول الفردوسية.

كانت الأوزيرية عبادة آخروية تركّز أساطيرها على النهايات من دون كبير عناية بالبدايات. فقد كان المصريّ حرّاً لينخرط خلال حياته في أيّ عبادة محلّية كانت أم رسمية إمبراطورية، ويؤمن بأيّ معتقد في الأصول والتكوين، ويؤدّي ما يشاء من الطقوس لمن يشاء من القوى العليا، ولكنه عند التفكير بالموت والتهيئة لمرحلة العالم الآخر، فإنّه يلتفت إلى أوزيريس لكي يؤمّن مزدلفاً آمناً إلى الحياة الثانية. فلقد كان أوزيريس مُطلعاً على أحوال الناس جميعاً ويعرف عدد سني حياة كلّ فرد منهم وساعة مماته، وكلّ شيء مدوّن لديه في لوح يدعى لوح القدر تُسجّل فيه الآجال، ويُحدّد لكلّ امرئ نصيبه من الأيام. ولديه أيضاً سجلّ يدعى سجلّ المصائر تدوّن فيه جميع أعمال البشر، ويشرف على عملية التدوين فيه إلهان هما تحوث وسيشيا، اللذان يحصيان الأعمال الصالحة والطالحة لكلّ إنسان ويحفظانها إلى يوم الحساب عندما تُفتح السجلّات ويُنصب ميزان العدالة لتوزن به الأعمال.

عند يفلح الميت في عبور المفازات المرعبة التي تفصل عالم الدنيا عن عالم الآخرة، وذلك بفضل الرُقى السحرية المودعة في مدفنه، يلقاه الإله أنوبيس إله المدافن وراعي التحنيط الذي يحمل رأس ابن آوى، فيقوده من يده ويدخله قاعة العدالة، وهي قاعة فسيحة يتصدّرها أوزيريس جالساً على عرشه ومن ورائه تقف الإلهتان إيزيس ونفتيس، وعلى محيط القاعة يجلس آلهة الأقاليم المصرية الاثنين والأربعين. أمام أوزيريس ميزان كبير منصوب يقف إلى جانبه الإله تحوث إله الحكمة والكتابة في هيئة قرد، وإلى الجانب الآخر يقف الوحش عم – ميت آكل الموتى متحفّزاً للانقضاض على الميت والتهامه إذا ثبتت إدانته. وهنا يتوجّه الميت إلى أوزيريس بهذا الخطاب الذي يُفصّله لنا نص إعلان البراءة من الذنوب: "السلام عليك أيها الإله العظيم ربّ العدالة. لقد أتيت إليك لكي أتملّى جمالك. أنا أعرفك، أنا أعرف اسمك وأسماء الآلهة الاثنين والأربعين الذي معك في قاعة العدالة الفسيحة، الذين يشربون ويقتاتون من دم الخطاة يوم الحساب في حضرة ربّ العدالة. لقد جئت إليك بالحقيقة وبدّدت الكذب أمامك." يلي ذلك تعداد الخطايا التي لم يرتكبها الميت في حياته:

لم أقم بعمل شرير يؤذي أحداً من الناس. لم أُسِئ معاملة الماشية والأنعام. لم أرتكب خطيئة في مكان الصدق ( أي المعبد ). لم أحاول معرفة ما يجب على الفانين عدم معرفته. لم أُجدِّف على أحد من الآلهة. لم أكن قاسياً على أحد من الفقراء. لم أقم بعمل يمقته الآلهة. لم أُشنّع على عبد أمام سيده. لم أتسبّب بمرض أحد من الناس. لم أتسبّب بحزن وبكاء أحد من الناس. لم أقتل ولم أُعط أمراً بالقتل. لم أتسبّب في عذاب أحد. لم أمارس الجنس مع غلام. لم أزد ولم أنُقص في مكيال الحبوب. لم أغشّ في مقياس مساحة الأرض. لم أزد على وزنات الميزان. لم أحرم الأطفال من حليبهم. لم أطرد المواشي من مراعيها. لم أُمسك الطيور في حُرم الآلهة. لم أصطد الأسماك في بحيرات حُرم الآلهة. لم أمنع الماء عن الآخرين في مواسم السقاية. لم أضع ردماً أمام الماء الجاري في السواقي. لم أُطفئ شعلة نار لأحد وقت التهابها. لم أتناس مواعيد تقديم القرابين. لم أسُق الماشية من حُرم الآلهة. لم أعرقل مسيرة موكب إله. إلى هنا تنتهي مقدّمة إعلان الميت لبراءته. بعد ذلك يتوجّه الميت بالكلام إلى آلهةالأقاليم الاثنين والأربعين ويعلن براءته من إحدى الخطايا أمامهم واحداً واحداً، ويسبق إعلان البراءة ذلك اسم كل إله واسم مقاطعته. ولغرض الاختصار سوف أتجاوز فيما يلي أسماء الآلهة وأماكن إقامتها وأكتفي بتعداد الخطايا التي يعلن الميت براءته منها:

"1- لم أظلم أحداً. 2- لم أنهب. 3-لم أشته ما بيد غيري. 4- لم أسرق. 5- لم أقتل. 6- لم أغشّ في مكيال الحبوب. 7- لم أخدع. 8- لم أسرق من ممتلكات إله. 9- لم أكذب. 10- لم أختلس طعاماً. 11- لم ألعن أحداً. 12- لم أعتد على أحد. 13- لم أذبح ماشية إله. 14- لم آخذ رِبا من أحد. 15- لم أسرق جراية الخبز من أحد. 16- لم أُشنّع على أحد. 17- لم أفترِ على أحد. 18- لم أجادل بغير الحقّ. 19- لم أنم مع زوجة رجل آخر. 20- لم أدنّس نفسي. 21- لم أُفزع أحداً. 22- لم أعتد على أحد. 23- لم أغضب بلا سبب. 24- لم أصرف سمعي عن كلمة الحقّ. 25- لم أكن مشاكساً وخالقاً للمشاكل. 26- لم أغمز بأحد. 27- لم أمارس الجنس مع غلام. 28- لم أبتلع قلبي (أي إظهار المرء لغير ما يضمر)29- لم أكن متعسفاً. 30- لم أكن عنيفاً في سلوكي. 31- لم أكن متسرعاً في فعالي. 32- (المعنى غامض في اللغة الأصلية). 33- لم أصرخ في وجه الآخرين. 34- لم أتصرّف بخبث. 35- لم أشتم الملك. 36- لم أعكّر المياه. 37- لم يعل صوتي على أحد. 38- لم أشتم إلهاً. 39- لم أتغطرس ولم أتكبر. 40- لم أكن أنانياً في سلوكي. 41- لم أضاعف ممتلكاتي بغير الحلال. 42- لم أزْر بإله مدينتي.

نلاحظ في هذا النص خلوّه تقريباً من الواجبات الطقسية تجاه الآلهة وتركيزه على العلاقات السوية بين الأفراد في المجتمع، وهو يوسّع مفهوم الأخلاق ليشمل العلاقة مع بقية الكائنات الحية التي يتوجّب على الإنسان الرأفة بها وحسن معاملتها، كما يشمل قواعد التهذيب والإتكيت الاجتماعي؛ ففي المشاكسة والصراخ في وجه الآخرين، والغطرسة والتكبّر، انحراف عن الخلق السليم لا يقلّ عن السرقة والغش والربا.

بعد أن ينتهي الميت من اعترافه هذا يوقف أمام الميزان ويوضع قلبه في إحدى الكفتين وريشة طائر ترمز إلى الإلهة معات إلهة العدالة والحق، فإذا تعادل القلب الذي يحتوي سجلاً كاملاً لكل الأعمال مع ريشة معات كان الميت بريئاً، وإلا فكان مذنباً. وبعد أن يقوم الإله تحوث بفحص النتيجة يبلغها لأوزيريس، وبناءً على ذلك إما أن ينقضّ عليه الوحش عم – ميت ويلتهمه، أو يوقفه الإله حورس أمام أوزيريس قائلاً: "جئت إليك بفلان الذي وُجد قلبه صالحاً، فامنحه كعكاً وجعة واسمع له بالدخول إلى عالمك". وهنا يأتي الجواب المنتظر من أوزيريس: "دعوا الميت ينصرف سالماً منتصراً، دعوه يمضي حيث يشاء، ويعيش في صحبة الآلهة وبقية الأرواح الصالحة." عند ذلك يُقاد الميت إلى الجنة الأوزيرية المدعوة بحقول القصب، وهي عبارة عن أرض خصبة تقع وراء الأفق الغربي، تتخللها شبكة من القنوات المائية تجعلها أشبه بالجُزر المتقاربة، وتهبها خصباً وخضرة دائمة، فيها ينمو الزرع والشجر من كل نوع، وتعيش أرواح الصالحين خالدة إلى الأبد.

إن ما يجعل مفاهيم هذه العبادة الأوزيرية مهمة بالنسبة لدارس تاريخ الأديان في المنطقة المشرقية، هو عودتها للظهور في ديانات لاحقة، لاسيما في الزرادشتية والإسلام على بعدهما الزماني والمكاني عن الثقافة المصرية القديمة. ونخص هنا بالذكر العناصر التالية:

1 – خلود الروح بعد الموت وخلاصها إلى عالم آخر.

2 – تسجيل أعمال الإنسان خلال حياته وحفظها في كتاب من قِبل إلهين موكلين بهذه المهمة.

3 – محاكمة الموتى في العالم الآخر عن طريق ميزان يزن سيئاتهم مقابل حسناتهم.

4 – ثواب الأخيار وعقاب الأشرار بجنة أو نار.

في العقيدة الزرادشتية القائمة على تعاليم زرادشت الأصلية (القرن السادس قبل الميلاد)، وعلى شروحات اللاهوتيين اللاحقة، نجد أن روح الميت تمكث عند رأسه ثلاث ليال تتأمل في حسناتها وسيئاتها. وخلال ذلك تزورها ملائكة الرحمة إن كانت من الأخيار أو شياطين العذاب إن كانت من الأشرار يسومونها عذاب القبر. في اليوم الرابع تساق إلى جلسة المحاكمة أمام ميثرا رئيس الملائكة، ويقوم مساعداه سرواشا وريشنو بوزن أعمال الميت في ميزان الحساب، فيضعان حسناته في إحدى الكفتين وسيئاته في الأخرى، فمن رجحت كفة أعماله الحسنة كان مآله الفردوس، ومن رجحت كفة أعماله السيئة كان مثواه هاوية الجحيم. بعد ذلك تتجه روح الميت لتعبر طريقاً يدعى صراط المصير، وهو عبارة عن جسر منصوب فوق الهاوية يتسع أمام الروح الطيبة، فتسير الهوينى إلى بوابة الفردوس حيث تستقبله فتاة في ريعان الصبا لم تقع عين دنيوية على أجمل منها. فيقول لها: من أنت؟ فتقول له: أنا عملك الطيّب. ثم تقوده بيده وتُدخله إلى الجنة. أما الروح الخبيثة فإنّ الصراط يضيق أمامها فتتعثر وتظهر أمامها عجوز شمطاء لم تقع عين على أقبح منها. فيسألها الميت: من أنت؟ فتقول: أنا عملك الخبيث. ثم تعانقه ويهويان معاً لتتلقفهما نار جهنم. أما من تساوت حسناته وسيئاته فيعبر الصراط إلى مكان وسط بين النعيم والجحيم حيث يعيش في وجود باهت لا طعم له.

وفي القرآن الكريم نقرأ عن ملاكين موكّلين بتسجيل أعمال الفرد خلال حياته، وهما يرافقانه على الدوام قائمين عن يمينه وعن شماله: "إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يُلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد." (50ق: 17-18) وعن كتاب الأعمال الذي يُفتح في جلسة الحساب نقرأ: " وكل إنسان ألزمناه طائرهُ في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك بنفسك كفى بنفسك اليوم حسيباً." (17 الإسراء: 13-14). وعن ميزان الحساب: "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة، فلا تُظلم نفس شيئاً." (21 الأنبياء: 47-48). "والوزن يومئذ الحق. فمن ثقُلت موازينه فأولئك هم المفلحون … ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم." (7 الأعراف: 8-9). بعد الحساب يتوجه المفلحون والخاسرون كل إلى مثواه في جنة أو نار. أما الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم فهم أصحاب الأعراف: "وعلى الأعراف رجال يُعرفون كلاً بسيماهم. ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم، لم يدخلوها وهم يطمعون. وإذا صُرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربّنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين." (7 الأعراف: 46-47). قال المفسرون: هؤلاء قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فليسوا من أهل الجنة ولا من أهل النار. فإذا نظروا إلى أهل الجنة سلّموا عليهم، وإذا نظروا إلى أهل النار قالوا ربّنا لا تجعلنا مع الظالمين.

هذا، وتكمل نصوص الوصايا الأخلاقية في الأدب المصري رسم الصورة العامة لأخلاقيات إنسان المشرق القديم. ولدينا العديد من نصوص الوصايا هذه، أكتفي فيما يلي بإيراد واحد منها وهو وصايا حكيم مصري عاش في أوائل الألف قبل الميلاد يدعى أمين أوبيت.النص يحتوي على نحو200فقرة اخترت منها ما يلي:

لا تسرق من المسكين ولا تُحمِّل الضعيف فوق طاقته. لا تزعزع أحجار حدود الحقول عن مواضعها ( لتكسب أرضاً حراماً ). لا يكن جشعك لبضعة أمتار من الأرض. ولا توسع أرضك على حساب أملاك الأرملة، لأن المتر الحلال أفضل من خمسة آلاف متر حرام، وحصادها لا يبقى يوماً في صومعتك، وغلّتها لا تكفي لصنع برميل واحد من الجعة. أفضل لك أن تكون فقيراً بين يدي الله، من أن تكون غنياً وسط مستودعاتك. الرغيف الواحد مع الطمأنينة أفضل من الثروة مع الأحزان. لا تشته الغنى ولا المظاهر، فكل إنسان مملوك لساعة موته. لا تُجهد نفسك في الاكتناز وحاجتك آمنة، فإن المال الحرام لا يلبث في يدك ليلة، ومع الصباح تصير له أجنحة ويطير. لا تطمع في مال الفقير ولا تشته خبزه، لأنه سيصير شوكة في حنجرتك وقيئاً في فمك. إذا كان لديك دَيْن عند رجل فقير، اجعله ثلاثة أقساط، سامحه بقسطين واترك واحداً، عندها ستنام ملء جفونك، وفي الصباح تجد عملك كالبشارة الطيبة. لا تجعل لنفسك أوزاناً مغشوشة، لأنها سوف تزخر بالبلايا بإرادة الله. لا تقضِ ليلك في خوف من الغد، لأنك لا تعرف ما سيكون عليه الغد عند انبلاج الصبح. إذا آذاك أحد لا تقل إن لي رئيساً قوياً، وإذا أضر بك بك أحد لا تقل إن لي حامياً، بل ضع نفسك في رعاية الله. لا تهزأ من أعمى ولا تسخر من قزم، ولا تنفجر غضباً في وجه من يرتكب خطأ، فما الإنسان إلا قش وتراب، صنعة الله. إنه الله يخلق ألف إنسان ضعيف إذا شاء، ويخلق ألف إنسان حكيم أيضاً. لا تنهر الأرملة وهي تجمع البقايا في حقلك، ولا تمنع عن الغريب جرة زيتك، إن الله يفضل احترامك للفقير على تعظيمك للقوي.

المراجع :

1 – J viaud, Egyptian Mythology. in: Larousse Encyclopedia of Mythology, Hymlyn. London, 1977.

2 – Wallis Budge, Egyptian Religion, Rotledg, London, 1985 .

3 – Wallis Budge, Oriris, Vol. 1, Dover, New york, 1973.

4 – A. Wilson, Egyptian Myths. in; J. Pritcard, edt, Anceint Near Eastern Texts, Princeton, New jersey, 1969.

5 – A. Wilson, Egyptian Instructions, The instructions of Amen – Opet. in: J. Pritchard, edt, The Ancient Near Eastern Texts, Princeton, New jersey, 1986.

6 – Mary Boyce, Zoroastrians, Rotledg, London, 1985 .

7 – G. Gonoli, Zoroastrians. in: M. Eliade, edt, Encyclopedia of Religion, Macmillan, London, 1987 , Vol .15 .
مننقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق