الأحد، 29 أبريل 2012

الأسطورة في اللوحات جـلـجـامـش

الأسطورة في اللوحات

جـلـجـامـش

ملحمة جلجامش (أو ملحمة كلكامش) هي ملحمة سومرية مكتوبة بخط مسماري على 11 لوحا طينيا اكتشفت لأول مرة عام 1853م في موقع أثري اكتشف بالصدفة وعرف فيما بعد أنه كان المكتبة الشخصية للملك الآشوري آشوربانيبال في نينوى في العراق ويحتفظ بالالواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة في المتحف البريطاني. الألواح مكتوبة باللغة الأكادية ويحمل في نهايته توقيعا لشخص اسمه شين ئيقي ئونيني الذي يتصور البعض أنه كاتب الملحمة التي يعتبرها البعض أقدم قصة كتبها الإنسان.

يعتقد أن النسخة الأكادية من الملحمة التي تم العثور عليها مستندة على نسخة سومرية يرجع تاريخها إلى 2100 سنة قبل الميلاد. بعد سنوات من اكتشاف الألوح 11 تم العثور على لوحة أخرى يعتبرها البعض تكملة للملحمة والبعض الأخر يعتبره عملا مستقلا وقصة أخرى لأنه كتب باسلوب اخر وفيه لايزال أنكيدو على قيد الحياة. تم ترجمة الملحمة لأول مرة إلى الإنكليزية في سنوات تلت عام 1870 م من قبل جورج سميث الذي كان عالم آثار متخصص في المرحلة الأشورية في التاريخ القديم والذي توفي عام 1876 م.

بداية الملحمة

تبدأ الملحمة بالحديث عن جلجامش ملك أورك الذي كان والده بشرا فانيا ووالدته آلهة خالدة وبسبب الجزء الفاني من دمه يبدأ بادراك حقيقة أنه لن يكون خالدا. في الملحمة نرى أن جلجامش لم يكن ملكا محبوبا من قبل سكنة أورك حيث كانت له عادة سيئة وهو ممارسة الجنس مع كل عروسة جديدة في ليلة دخلتها قبل أن يدخل بها العريس وكان يجبر الناس على بناء سور ضخم حول أورك.

قام الناس بالدعاء من الآلهة بأن يجد لهم مخرجا من ظلم جلجامش فاستجاب الآلهة وقامت احدى الالهات واسمها أرورو بخلق رجل وحشي كان الشعر الكثيف يغطي جسده ويعيش في البرية ياكل الاعشاب ويشرب الماء مع الحيوانات أي أنه كان على النقيض تماما من شخصية جلجامش ويرى بعض المحللين أن هناك رموزا إلى الصراع بين المدنية وحياة المدن الذي بدأ السومريون بالتعود عليه تدريجيا بعد أن غادروا حياة البساطة والزراعة المتمثلة في شخصية أنكيدو.

كان أنكيدو يخلص الحيوانات من مصيدة الصيادين الذي كانوا يقتاتون على الصيد فقام الصيادون برفع شكواهم إلى الملك جلجامش الذي أمر إحدى خادمات المعبد بالذهاب ومحاولة إغراء أنكيدو ليمارس الجنس معها وبهذه الطريقة سوف يبتعد الحيوانات عن مصاحبة أنكيدو ويصبح أنكيدو مروضا ومدنيا. حالف النجاح خطة الملك جلجامش وبدات خادمة المعبد وكان اسمها شامات وتعمل خادمة في معبد الآلهة عشتار بتعليم أنكيدو الحياة المدنية من كيفية الأكل واللبس وشرب النبيذ ثم تبدأ باخبار أنكيدو عن قوة جلجامش وكيف أنه يدخل بالعروسات قبل أن يدخل بهن أزواجهن وعندما يسمع أنكيدو هذا الشيئ يستشيط غضبا ويقرر أن يتحدى جلجامش في مصارعة كي يجبره على ترك تلك العادة. يتصارع الإثنان بشراسة حيث أن الإثنان متقاربان في القوة ولكن في النهاية تكون الغلبة لجلجامش ويعترف أنكيدو بقوة جلجامش وبعد هذه الحادثة يصبح الأثنان صديقين حميمين.

يحاول جلجامش دائما القيام بأعمال عظيمة لكي يبقى اسمه خالدا فيقرر في يوم من الأيام الذهاب إلى غابة من أشجار الأرز ويقطع جميع أشجارها ولكي يحقق هذا يجب عليه القضاء على حارس الغابة الذي هو مخلوق ضخم وقبيح واسمه هومبابا. ومن الجدير بالذكر أن غابة الأرز كان المكان الذي يعيش فيه الألهة ويعتقد أن المكان المقصود يقع الأن في منطقة بين إيران والبحرين.

يبدأ جلجامش وأنكيدو رحلتهما نحو غابات أشجار الأرز بعد حصولهما على مباركة شمش إله الشمس الذي كان أيضا إله الحكمة عند البابليين والسومريين وهو نفس الإله الذي نشاهده في مسلة حمورابي المشهورة وهو يناول الشرائع إلى الملك حمورابي وأثناء الرحلة يرى جلجامش سلسلة من الكوابيس والأحلام لكن أنكيدو الذي كان في قرارة نفسه متخوفا من فكرة قتل حارس الغابة يطمأن جلجامش بصورة مستمرة على أن أحلامه تحمل معاني النصر والغلبة.

عند وصولهما الغابة يبدآن بقطع أشجارها فيقترب منهما حارس الغابة هومبابا ويبدأ قتال عنيف ولكن الغلبة تكون لجلجامش وأنكيدو حيث يقع هومبابا على الأرض ويبدأ بالتوسل منهما كي لا يقتلاه ولكن توسله لم يكن مجديا حيث أجهز الإثنان على هومبابا وأردياه قتيلا. أثار قتل حارس الغابة غضب آلهة الماء أنليل حيث كانت أنليل هي الآلهة التي أناطت مسؤولية حراسة الغابة بهومبابا.

بعد مصرع حارس الغابة الذي كان يعتبر وحشا مخيفا يبدأ اسم جلجامش بالانتشار ويطبق شهرته الآفاق فتحاول الآلهة عشتار التقرب منه بغرض الزواج من جلجامش ولكن جلجامش يرفض العرض فتشعر عشتار بالإهانة وتغضب غضبا شديدا فتطلب من والدها آنو، إله السماء، أن ينتقم لكبرياءها فيقوم آنو بإرسال ثور مقدس من السماء لكن أنكيدو يتمكن من الامساك بقرن الثور ويقوم جلجامش بالإجهاز عليه وقتله.

بعد مقتل الثور المقدس يعقد الآلهة اجتماعا للنظر في كيفية معاقبة جلجامش وأنكيدو لقتلهما مخلوقا مقدسا فيقرر الآلهة على قتل أنكيدو لأنه كان من البشر أما جلجامش فكان يسري في عروقه دم الآلهة من جانب والدته التي كانت آلهة فيبدأ المرض المنزل من الآلهة بإصابة أنكيدو الصديق الحميم لجلجامش فيموت بعد فترة.

بعد موت أنكيدو يصاب جلجامش بحزن شديد على صديقه الحميم حيث لا يريد أن يصدق حقيقة موته فيرفض أن يقوم أحد بدفن الجثة لمدة أسبوع إلى أن بدأت الديدان تخرج من جثة أنكيدو فيقوم جلجامش بدفن أنكيدو بنفسه وينطلق شاردا في البرية خارج أورك وقد تخلى عن ثيابه الفاخرة وارتدى جلود الحيوانات. بالإضافة إلى حزن جلجامش على موت صديقه الحميم أنكيدو كان جلجامش في قرارة نفسه خائفا من حقيقة أنه لابد من أن يموت يوما لأنه بشر والبشر فانٍ ولا خلود إلا للآلهة. بدأ جلجامش في رحلته للبحث عن الخلود والحياة الأبدية. لكي يجد جلجامش سر الخلود عليه أن يجد الانسان الوحيد الذي وصل إلى تحقيق الخلود وكان اسمه أوتنابشتم والذي يعتبره البعض مشابها جدا أن لم يكن مطابقا لشخصية نوح في الأديان اليهودية والمسيحية والإسلام. وأثناء بحث جلجامش عن أوتنابشتم يلتقي بإحدى الآلهات واسمها سيدوري التي كانت آلهة النبيذ وتقوم سيدوري بتقديم مجموعة من النصائح إلى جلجامش والتي تتلخص بأن يستمتع جلجامش بما تبقى له من الحياة بدل أن يقضيها في البحث عن الخلود وأن عليه أن يشبع بطنه بأحسن المؤكولات ويلبس أاحسن الثياب ويحاول أن يكون سعيدا بما يملك لكن جلجامش كان مصرا على سعيه في الوصول إلى أوتنابشتم لمعرفة سر الخلود فتقوم سيدوري بإرسال جلجامش إلى المعداوي، أورشنبي، ليساعده في عبور بحر الأموات ليصل إلى أوتنابشتم الإنسان الوحيد الذي استطاع بلوغ الخلود.

عندما يجد جلجامش أوتنابشتم يبدأ الأخير بسرد قصة الطوفان العظيم الذي حدث بامر الآلهة وقصة الطوفان هنا شبيهة جدا بقصة طوفان نوح, وقد نجى من الطوفان أوتنابشتم وزوجته فقط وقررت الآلهة منحهم الخلود. بعد أن لاحظ أوتنابشتم إصرار جلجامش في سعيه نحو الخلود قام بعرض فرصة على جلجامش ليصبح خالدا, إذا تمكن جلجامش من البقاء متيقظا دون أن يغلبه النوم لمدة 6 أيام و 9 ليالي فإنه سيصل إلى الحياة الأبدية ولكن جلجامش يفشل في هذا الاختبار إلا أنه ظل يلح على أوتنابشتم وزوجته في إبجاد طريقة أخرى له كي يحصل على الخلود. تشعر زوجة أوتنابشتم بالشفقة على جلجامش فتدله على عشب سحري تحت البحر بإمكانه إرجاع الشباب إلى جلجامش بعد أن فشل مسعاه في الخلود, يغوص جلجامش في أعماق البحر ويتمكن من اقتلاع العشب السحري.

بعد حصول جلجامش على العشب السحري الذي يعيد نضارة الشباب يقرر أن يأخذه إلى أورك ليجربه هناك على رجل طاعن في السن قبل أن يقوم هو بتناوله ولكن في طريق عودته وعندما كان يغتسل في النهر سرقت العشب إحدى الأفاعي وتناولته فرجع جلجامش إلى أورك خالي اليدين وفي طريق العودة يشاهد السور العظيم الذي بناه حول أورك فيفكر في قرارة نفسه أن عملا ضخما كهذا السور هو افضل طريقة ليخلد اسمه. في النهاية تتحدث الملحمة عن موت جلجامش وحزن أورك على وفاته.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق